عندما ذهبت الى إفتتاح معرض المصور الفوتوغرافي أحمد كوارتي الذي أقيم في الخامس من مارس الجاري ، كنت أحمل في خاطري حزمة من الاسئلة ، بالإضافة الى توقعات
متراكمة عن شكل ومضمون معرض يحمل إسم (مدائن ضوء) ، فالإسم يحمل دلالات كثيرة ورمزية
ذات معنى أكبر وأعمق، بالإضافة الى ذلك نجد أن إختيار المتحف القومي كمكان للمعرض
في حد ذاته شكل إضافة ولمسة جمالية للفكرة .
في البدء هالني الحشد والحضور الكبير الذي أتى لمشاركة كوارتي إفتتاح معرضه
الفوتوغرافي الأول ، ولكنني إستدركت فوراً عندما تذكرت أن كوارتي هو صديق الجميع ،
تجده في كل المبادرات الشبابية يحمل إبتسامته المميزة ويوزع الإنشراح على المكان
بشكل ساحر، وحضوراً أنيقاً بكاميرته توثيقاً لتلك الفعاليات والمبادرات ، بالإضافة
الى الامسيات الثقافية المختلفة ، ولكن ما يحسب علي (كوارتي) الفوتوغرافي أنه
نادراً ما ترى صورتك التي صورك لها بعد ذلك ، وإذا حصلت عليها فأعلم إنك شخص محظوظ
للغاية.
المهم عندما دلفت الى المعرض بدأت بتصفح الصور بتأني وهدوء ، المعرض في شكله العام
(جيد) ، إذ إحتوى على مجموعة متنوعة من الصور الفوتوغرافية التي تحمل رسائل بصرية
ذات دلالات مختلفة ، وهذا ما يعجبني في المصورين ، فبإستطاعتهم إختصار مئات
الكلمات في صورة واحدة ، لذلك لم يخذلني (كوارتي) في هذا الجانب ، إذ كنت سعيداً
وأنا أطوف في المعرض ، لذلك لم أستغرب بعد ذلك بإحتفاء الاصدقاء بكوارتي الإنسان ،
إذ كان كل واحد يحتفى به على طريقته الخاصة ، فكوارتي يعتبر أحد الشباب القلائل
الذين يمنحونك الأمل في الحياة والرغبة في العطاء.
ولكن عندما هممت بالخروج من المعرض تدافعت الى ذهني عدة إقتراحات ، فالمعرض في
شكله العام (جيد) كما قلت سابقاً ، ولكن في تفاصيله ومكوناته أعتقد أنه يحتاج الى
مراجعة من كوارتي ، خاصة وأنه إنسان فنان ويتمتع بذائقة بصرية لا بأس بها ، فكنت
أتوقع أن يحتفي بالضوء بصور (أكثر تجديداً) ، بعيداً عن( بعض الصور التقليدية) التى تكررت كثيراً في المعارض
الفوتوغرافية ، ولكن في نفس الوقت (أهنئ) كوارتي بشدة على بعض الاختيارات والصور
الفريدة ، فقد لفتت نظري صورة علم السودان الممزق المعلق على (سيخة) في وهو في وسط
البحر ، فهذا الصورة توقفت عندها كثيراً ، صورة تعبر عن الوضع الراهن للسودان
تماما.
عندما خرجت من المعرض ، خرجت وأنا أحمل تقديراً بلاحدود لشجاعة (كوارتي) في إقامة
معرضه الفوتوغرافي الاول ، في ظل الركود البصري الكبير على أرض الواقع، بالرغم من
الامكانيات والفرص التي تتوفر حاليا للمصورين عكس الماضي ، كما نجد الحراك
الفوتوغرافي الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي الذي يجب أن ينتقل الى أرض الواقع
، ولكن كوارتي كان يمتلك رصيد وافر من الجرأة
لإقامة معرض فني لأعماله حتى يقف الجميع على تجربته كمصور فوتوغرافي قادم ،
وأتمنى من كل المصورين الشباب السعى
لإقتناص الحراك البصري وإقامة معارض فنية داخل أو خارج السودان للمساهمة في دفع
الحركة الفنية في البلاد الى الأمام.
0 comments:
إرسال تعليق