مياسة عبدالله ابراهيم سوار الذهب ، شابة جميلة حبوبة ومحبوبة دائمة الابتسام ، ذات عقلية فذة و شخصية نشطة و مرحة ، تحب الرسم والتصوير ، وتسعى دوما لتخطي العقبات التي تواجهها ، و لا ترضى إلا بالأفضل ، حوّلت "الأحتياجات الخاصة" إلى "قُدرات خاصة" ، وتفوقت على نظيراتها واحرزت المركز الاول في امتحانات الشهادة السودانية في المساق النسوي ، والان تتابع شغفها في كلية الفنون الجميلة بجامعة السودان المستوى الثالث تخصص خطوط ، شاركت قبل اسبوع في اول مؤتمر لتيدإكس على مستوى الجامعات السودانية (TEDxSUST ) ، مياسة التي احبها الله وأخذ منها حاسة النطق اسمعت كل الحضور في المؤتمر الكلام الذي لايقال ، وأدهشت الجميع ، واجبرتهم جميعاً على الوقف لها ، وانتزعت منهم التصفيق المدوي ، كما شاركت من قبل في محافل كثيرة خارج السودان وكانت خير سفير لبلاد النيلين ، التقيناها في حوار عبر الانترنت التي تجيدها لنتعرف عليها عن قرب ولنعرف المعنى الحقيقي للإرادة والإبداع والثقة في أن الله معها.
حوار : عبدالسلام الحاج
حوار : عبدالسلام الحاج
قصة مياسة ؟
اتولدت كويسة ، بت عادية صحيحة والحمد لله ، وانا صغيرة عمري 40 يوم جاتني حمى شديدة ، وانا في الشهر التاسع امي لاحظت اني ما بتجاوب مع الاصوات حوليني ( جرس الباب ، صوت المكنسة ، او التلفون لمن يضرب ) ، مشينا المستشفى بعد الفحوصات اتشخصت حالتي بشلل في العصب السمعي ، وكانت بدايتها من الحمى الجاتني وانا صغيرة ، بعدها بدت حكايتي كـصماء ، وبديت البس السماعة .
حدثينا عن ذكريات دراستك ؟
وانا عمري 4 سنوات التحقت بمعهد الامل في جدة بالمملكة العربية السعودية ، استمريت معاهم وقدرت إتأقلم وأكوِّن صداقات واتواصل مع الناس هناك ، كنت بعتمد على طريقة نطق الحروف ولغة الشفايف اكتر من لغة الاشارة .
كيف تعاملت اسرتك مع هذا الوضع ؟
اهلي في البيت دعموني بصورة كبيرة ، وعاملوني زي اخواتي بالضبط ، ومارست حياتي زي اي بنت عادية .
وبعد ما رجعتوا السودان ؟
في سنة تالتة ثانوي انا والاسرة رجعنا استقرينا في السودان ، واصلت تعليمي بمعهد الامل في الخرطوم ٣ ، حسيت باختلاف ملحوظ ، البيئة التعليمية ، المنهج أصعب ، وناس ما كنت متعودة عليهم ، بس كنت مصممة اني اكمل ، اني اتعلم واقرا وأنجح وأدخل الجامعة ، واندمج مع الناس ، واعيش حياتي واعمل الحاجة البحبها .
ليه اخترتي المساق النسوي في الصف الثالث ؟
قررت أدخل المساق الفني النسوي عشان ادخل رغبتي واقرا فنون ، لأنها رغبتي من كنت صغيرة .
كيف كان شعورك بعد ان اعلن بأن مياسة سوار الذهب هي أولى الشهادة السودانية في المساق النسوي ؟
بعد ما امتحنت الشهادة السودانية والنتيجة قربت ، بقيت متوترة ، والتوتر كان بيزيد كل يوم ، في يوم المؤتمر الصحفي أنا وأسرتي زي اي أسرة عندها بت ممتحنة ، كلنا كنا قاعدين ومتوترين ، وعندما أذاعوا اسمي بإني اولة الشهادة السودانية في المساق النسوي ، في اللحظة دي دموع السعادة ملت بيتنا وانا كنت غارقة فى دموع الفرح ، حقيقة اتفاجأت بالنتيجة ، اتفاجأت بأني الاولى ، بس دي كانت دفعة قوية بالنسبة لي ، وبتذكر جدتي كانت دايماً بتدعي لي ، وبعد ما النتيجة طلعت ، جدتي وخالاتي في العيلفون وكل الاسرة اتلموا و كلنا ختمنا القرأن ، ودي كانت بداية مباركة لمشواري في الجامعة .
ماذا تبقت لديك من ذكرياتك من رحلة ماليزيا مع المئة الاوائل ؟
بعد اعلان النتائج بإسبوع تم تكريم اوائل الشهادة السودانية في جميع المساقات من قبل شركة سيقا في برج الفاتح ، بعدها تم تسفرنا الى ماليزيا لأخذ كورسات لمدة شهر ، وهناك دخلت كورس لمده شهر في الفنون ، هناك شفت حاجة عجبتني شديد المقعدين كان عندهم شوارع مخصصة ليهم يمشوا فيها ، وهناك الناس ما شايفة اختلاف بين المقعدين والما مقعدين ، والاعمى والزول البيشوف ، والاصم والبيسمع ، كلهم ممكن يبدعوا في شغلهم وممكن يكونوا ناس ناجحين في حياتهم ، مافي حاجة بتمنع الزول من انو يعمل الحاجة البحبها ، المابسمع بيشوف والما بيشوف بيسمع ، والابداع ما مربوط بي حاسة ، ولا في حاجة تخلي الزول ما يحقق احلامو ، كل زول ممكن يحقق احلامو بس لازم يحاول .
تجربتك في تيدإكس جامعة السودان 2013 ؟
تجربتي في تيد إكس جامعة السودان 2013 إذا حبيت أتكلم عنها حأخد سنين ، فهي أكتر تجربة أسعدتني في حياتي ، انا سعيدة اني شاركت في اول مؤتمر لتيدإكس بالجامعات السودانية ، وحقيقة كانت تجربة مختلفة بالنسبة لي ، استفدت منها جداً ، تعرفت خلالها على العديد من الشباب والشابات المميزين ولهم افكار جميلة جداً ، اتمنى لهم كل التوفيق في حياتهم العلمية والعملية .
ما هي رسالتك للمجتمع ؟
الانسان يستطيع ان يتخطي جميع العقبات مهما كانت ، اتمنى ان يساهم المجتمع في دعم فئة الصم وجميع الفئات الاخرى ، وكذلك اتمنى ان تتم إضافة الوان معينة في إشارات المرور ، لأني لمن كنت صغيرة شاهدت طفل ( أصم ) يقطع الشارع فصدمته عربة مسرعة وقتلته ، إتأثرت جداً ، وشكل ذلك الامر نقطة تحول في حياتي ، لذلك بحلم انو يكون قدام كل معهد للصم إشارة مرور وعلامات ضوئية عشان ما نفقد طفل تاني .
في النهاية ، ما هو أكثر شئ تتمنيه ؟
أنا على يقين أن الله عز وجل خلقني الحمد لله لسبب ، أتمنى إنني أترك بصمة ، حتى إذا كانت مجرد إبتسامة ، والان بجمع فى لوحاتى كى اعمل معرض يضم كل اعمالي الفنية ، وبعد التخرج إن شاء الله حأعمل فى مجال الفنى ، وحأسعى لتأسيس شركة تستوعب الصم ، وأوفر ليهم كل احتياجاتهم ، لأنو نحنا بنقدر نتعلم ، ننتج ، نبدع ، انا بحلم انو كل اشارة مرور يكون معاها صوت عشان تساعد المكفوفين ، وقدام كل معهد للصم يكون في اشارة تنبيه ، انا بحلم انو الاصم والمكفوف والمقعد يندمجوا في الحياة ، يعيشوا بصورة طبيعية ، يلقوا فرص تعليم احسن ، يلقوا فرص عمل ، انا بحلم ومتأكدة انو حلمي في يوم حيتحقق .
نشر هذا الحوار في صحيفة الصحافة بتاريخ 7-6-2013
0 comments:
إرسال تعليق