يوم القراءة ... مقاربة العشب والورق

لا أعتقد أن أهمية القراءة وفوائدها أمر جديد بالنسبة  لعدد كبير من الناس ، فالكل قارئ بطريقة أو أخرى ، والكل له تجربته وطريقه ودربه بعالم الكتب والقراءة ، فكما يقولون القراءة حياة ، والكتب عقاقير للروح وغذاء للنفس وطب العقول ـ ومهما أوتي الإنسان من عبقرية فقد تجف نضارتها فيه إن لم يتعهدها بري القراءة.

ولكن نحن في هذه الفترة نحتاج بشدة إلى هذا الملتقى ، ليس لتقويم القارئ السوداني ، بل لإشعال بعض الأسئلة في ذهنه ، إذ يمثل يوم القراءة ملتقى معرفي يجمع المهتمين ومحبي القراءة في مكان عام  بهدف تعزيز روح المشاركة الفعالة بين القراء ، وتشجيع الجميع على القراءة في الإماكن العامة ، وجعل القراءة قيمة متجذرة في المجتمع ، القراءة هي الوسيلة الفضلى لبلوغ الاهداف المتمنعة، لذا كانت فعالية يوم القراءة مجرد وسيلة أخرى لبلوغ هدف كبير ، الا وهو الإرتقاء ، الإرتقاء بالمجتمع من خلال أفراده .


والفعالية الرابعة ليوم القراءة والتي درجت مجموعة تعليم بلاحدود على تنظيمها سنوياً في الساحة الخضراء، والتي تأتي متزامنة مع اليوم العالمي للكتاب وحقوق المؤلف، جاءت هذا العام إهداءاً لروح الكاتب والناقد والمفكر معاوية محمد نور (1909 – 1941 ) أحد رواد الفكر والأدب السوداني ، فقد عاش حياته القصيرة من أجل الوعي والإستنارة ، فكانت الفعالية تجسد معنى الوفاء من الشباب لرموزهم وإعادة التعريف بهم وفسح المجال أمام مجتمع القراء للتبحر وأستكشاف عوالمهم ، خصوصاً أن معاوية نور لم ينل حظه من الإهتمام مقارنة مع ثقله الفكري والأدبي.


كانت الكتب في حوار عميق مع العشب الممدّد في الساحة ، وشكلت حلقات النقاش العامة والمخصصة والتي تنوعت مابين الأدب الإنجليزي والفرنسي إضافة الى مشاركة معهد جوته في إدارة حلقة الأدب  الالماني ، شكلت تلك الحلقات إضافة نوعية للفعالية ، كما شهدت حلقتي (الحجّاي) و(حكاوي زمان) إقبالاً كثيفاً ، بينما نالت حلقة الأدب السوداني النصيب الأكبر من النقاش ، حيث تناولت العديد من الأعمال مع إفراد مساحة كبيرة للنقاش حول رواية شوق الدرويش وعن توظيف التاريخ فيها من جهة وتعبير الطيب صالح عن سلوك الأفندية في موسم الهجرة إلي الشمال من جهة أخرى ، ولفتت مكتبة الحي المجانية إنتباه الكثيرين ، وكانت مكتبة مركز الفيصل الثقافي حاضرة في المشهد ، والكاتب عبدالغني كرم الله يقص على الاطفال حكاية عرس ميسون وجدو.


وتبقى فعالية يوم القراءة الذي تمددت هذا العام لتشمل تسعة مدن داخل السودان وخمسة مدن في الخارج ، تبقى فعالية للوقوف عند الإسهامات الجليلة التي قدمها الكتّاب والمفكرين ، ويوم القراءة هي رسالة شكر رمزية لهم تقديراً لمنتوجهم الإبداعي الذي قدموه للبشرية.

 

 

عبدالسلام الحاج

مدون ومستشار للسوشيال ميديا والمحتوى الرقمي ، عضو شبكة مدونون سودانيون بلاحدود وشبكة مدونات عربية، نشرت كتاباته في عدد من الصحف والمجلات السودانية، وله مساهمات في عدد من المواقع والمجلات الإلكترونية العربية والعالمية، مهتم بالإعلام الرقمي ،الفنون والحراك الثقافي المستقل.

12:29:00 م