حسن بابلونيا ... حياة مليئة بالصور

الزيت: عبدالسلام الحاج

في الأسبوع الماضي كنت في محادثة هاتفية مع مصورة فوتوغرافية وصانعة أفلام، سألتها بمكر وقلت لها: إنتي لسة قاعدة في السودان، الناس كلها سافرت؟ سعدت جداً بإجابتها، ويا لها من إجابة، قالت: " الحاجات الأنا شايفاها في السودان ما بتخليني أسافر وأخليها، السودان بلد خام، أرض خصبة، السودان متخم بالحكاوي والتفاصيل، لدينا قصص يجب أن تروى، صور يجب أن تلتقط. هل هذه المقدمة مناسبة للولوج إلى عوالم المصور الفوتوغرافي حسن بابلونيا ؟
يقول الكسندر اليوت " كل صورة عظيمة ترينا شيئاَ نبصره بالعين مع شيء ندركه بالبصيرة، فهي تجمع بين البصر والبصيرة "، في إعتقادي أن حسن بابلونيا هو وأحد المصورين السودانيين البتنطبق عليهم تلك المقولة، إضافة إلى ذلك فهو يرى أشياء لا يمكن للمشاهد العادي أن يلتقطها، فالموضوعات التي يشتغل عليها تمس الروح قبل أن تصافح الأعين، صور تهذب الأنظار، تعلمنا الشوف، صور تحمل عبء اليومي، ممتلئة بالأوجاع، لكنها تشيع الأمل، وتبث فينا الحياة.

قرأت كثيراً عن الهوية البصرية، وإن أي مصور فوتوغرافي يطمح لأن يصنع لنفسه بصمة مميزة، تميز أعماله عن بقية المصورين، كل فوتوغرافي يحلم بالوصول إلى تلك الدرجة العالية في التصوير الفوتوغرافي، لكنني رأيت تلك البصمة في صور حسن بابلونيا، من أول وهلة ستعرف إن هذه الصورة تخص حسن بابلونيا، فاللون الأصفر الترابي ستجده يتقاسم جميع صور بابلونيا، لون الحياة البسيطة، الأرض المغبرة بخطوات الكادحين، بيوت الطين الشامخة كعزة أهلنا الطيبين، لون الموية العكرانة، الطمي الذي يحمل الخير الوفير.

أجد نفسي في غاية الحماس تجاه المشاريع الفوتوغرافية التي يعكف عليه حسن بابلونيا بصبر وطولة بال، فقد لاحظت أن مشروع التعليم يحتل مساحة كبيرة في دفتر أجندته، أضافة إلى مشاريع حياة البادية والرحَل في غرب السودان، توثيق حياة العمّال والأعمال البسيطة. ولو تأملت فقط في تلك الوجوه التي يقتنصها بابلونيا ستجد تفاصيل جديرة بالإنتباه، وجوه تجعلك تقف طويلاً لتسأل نفسك عن هذا السودان، ماذا تعرف عنه؟ كيف لم يتسنى لك الفضول لأكتشافه؟ إختراقه؟ السودان ليس هو الخرطوم وشارع النيل، إنه شيء أكثر مما نتخيل، وأعمق مما نعتقد.

أعمال حسن بابلونيا هي كتاب مفتوح للحياة في السودان، باب مفتوح على الأمكنة، العادات والتقاليد، الثقافات، الحيوات، هي ذاكرة بصرية لإنسان يعيش في وطن مثقل بالجراحات، لنفوس موجوعة لكنها لم تفقد الأمل في الحياة.

نماذج من أعمال المصور الفوتوغرافي حسن بابلونيا

لمزيد من أعمال حسن بابلونيا من هنا

عبدالسلام الحاج

مدون ومستشار للسوشيال ميديا والمحتوى الرقمي ، عضو شبكة مدونون سودانيون بلاحدود وشبكة مدونات عربية، نشرت كتاباته في عدد من الصحف والمجلات السودانية، وله مساهمات في عدد من المواقع والمجلات الإلكترونية العربية والعالمية، مهتم بالإعلام الرقمي ،الفنون والحراك الثقافي المستقل.

8:48:00 م